martedì 20 maggio 2014

..Map of freedom..Mappa della libertà ..خريطة الحرية

..Map of freedom..Mappa della libertà ..خريطة الحرية

*عبد المجيد الفرجي. تورينو. إيطاليا (رسم+مقالة أسفل)


                                             "خريطة" الحرية

*عبد المجيد الفرجي. تورينو. إيطاليا

 هذا الصباح، في مكتبة كلية العلوم النفسية بتورينو، ولمكر الصدف الجميلة، وجدتني أحرر نفسي من ركام الرموز والخطوط المترسبة في دواخلي...المحتبسة...المكبوتة...في انتظار حلم صغير بمرسم كبير قد يأتي أو لا يأتي. والحق أني سعيد بتحريرها (نفسي) حينما أطلقت العنان لخربشاتي، في لحظة وجودية جميلة، قطعت فيها الوصل بالعالم الخارجي...فكان "كروكي" "خريطة" الحرية...
 إسم "خريطة" اقتبسته من الصديقة أليسندرا، الباحثة في العلوم النفسية، حينما علقت على الرسم بمجموعة من الكلمات المتقطعة: خريطة، قمر، توازن..تجذر... لكن الفكرة التي انطلقت منها في خربشاتي لمشروع اللوحة، كانت تحوم حول الحرية ومايجاورها من قيم إنسانية نبيلة... لذلك اخترت دليلها، بعنوان مركب، يترجم شكل الرسم..."خريطة" الحرية...
 أعشق الرسم لأنه بكل بساطة هوايتي "الأزلية"...منذ أن اكتشفتني أمي وجارتنا التي تُعِزٌّني،  فاطمة "الشلحة"، ذات صباح، أرسم  "ماما"، أرسم "بابا" بالألوان...أرسم حديقة منزل وسلحفاة يمسك بها رجل، منسوخة عن مطالعة فرنسية (مستوى الخامس الابتدائي/ الشهادة سابقا) لصاحبها لحسن ولد مي فاطمة...
 أتذكر جيدا المشهد، سني لايتجاوز السادسة من العمر، هناك في منزلنا النصف الصفيحي، بدوار بناصر بتمارة... أمي تتوسط البهو في نصفه الإسمنتي، تنظف الملابس، أما أنا فكنت مرتكنا في الجانب الصفيحي، منشغلا في مرسمي الصغير الهادئ، الذي لا يعكر صفوه سوى مواء حانق لقطط "مي رابحة الدكالية"، حينما تخوض بين الفينة والأخرى معارك شرسة على سطح بيتنا مع نظيراتها القادمة من الدواوير المجاورة، دفاعا عن حوزتها الترابية، الغنية بالجردان والفئران...
 "مي رابحة"، التي أضحت جارتنا أيضا في السكن الاقتصادي بحي النهضة، كانت تربي في الدوار أيضا السلحفاة إلى جانب القطط ، إنها  الحيوانات الأولى التي دئبت على رسمها صغيرا... مّي رابحة، وجدتها مريضة بسرطان الثدي حينما زرتها بالمغرب قبل سنة... شفاها الله من هذا الداء الخبيث، إنها سيدة عزيزة وطيبة.
 لي ذكرى غير طيبة مع مرض السرطان حينما فقدت العائلة "عْزيزي"، زوج خالتي "الكبيرة"، أتذكر أني كلما زرته قيد حياته، كان يهديني رسومات تشكلها أنامله المشبعة بالحنان، ثم يناولني رزمة من الأوراق وأقلام الرسم، التي كانت تساعدني صغيرا في محاكات رسومات الراحل، وغيرها من الأعمال التشكيلية التي يوقعها الكبار، ومن أبرزها كما أتذكر جيدا، رسم سيكون لي معه قصة طويلة، وهو للفنانة شريفة الحمري، التي كانت تطل علينا صبيحة كل أحد، نحن الأطفال، في زمن التلفزة الوحيدة، عبر فقرة للفنون التشكيلة، ضمن البرنامج التلفزي الشهير حينها "القناة الصغيرة".  
 في الحجرة الكبير/ صالون الضيوف، بمنزلنا في المغرب، حيث بصمة  الوالد "المعلم سمحمد الدكالي" حينما لبى رغبتي ذات يوم وصمم رفقة صديقه المعلم السي البوعزاوي، أقواسا مغربية أندلسية، غاية في الجمال ... كنت قد وضعت على الجذران مجموعة من اللوحات، ضمنها واحدة تشكيلية من توقيعي، أنجزتها في غشت 1999 ، حينما رحل "عْزيزي" شابا، وقد أنهكه السرطان، بسبب إهمال طبي كنت شاهدا عليه، أتذكر جيدا تلك الأيام العصيبة بمستشفى ابن سيناء، وكيف أني وقفت على اختلالات عميقة  كان أبرزها، غياب أدوات الاستشفاء الطبيعية للاعتناء بالرجل، وانعدام الذوق الجمالي في فضاءات المستشفى، الذي قد يؤهل المريض نفسيا، وعائلته لتجاوز محنة المرض..
 في أجمل بلد في العالم... في المغرب، هناك، يمكن أن تتحول كسور "عْزيزي"، الذي تعرض لحادثة سير، إلى تعفن، ثم سرطان...أتذكر كيف أن خبر الوفاة كان مهولا...في ذات ليلة من شهر غشت، بمنزل العائلة، حيث الكل لازال يمكث قريبا من خالتي "الكبيرة" يؤنسون وحشتها في رحيل عْزيزي الذي تعزه... كنت وحيدا في البيت... لكن في لحظة معينة وجدتني أحرر نفسي من وحدتها، أغازل ريشتي بألوان حارة وأخرى باردة.. أما الحصيلة، فقد كانت منظرا بانوراميا للغروب، تطابق فيه السماء بلونها البنفسجي زرقة البحر وبينهما شفق برتقالي تسربت خيوطه نحو جزيرة صغيرة، تحتضن صخرتها الصلبة ثلاث نخلات، أحاكي فيها رسما للفنانة شريفة الحمري، كنت قد أنجزت مثله في الطفولة، حينما رسمت أول لوحة بالصباغة المائية في سن التاسعة من العمر...
 ذات منظر الغروب سأرسمه لاحقا بإيطاليا في صيف 2012 ، هنا بتورينو، عندما قررت تحرير نفسي من لحظة إحساس بالغربة... لوحة كانت ولاتزال عزيزة إلى قلبي... كانت هديتي لشقيقي هشام في يوم حصوله على دبلوم الدراسات العليا في الاتصال وثقافة الميديا، ولمكر الصدف أن اللوحة الهدية ثمرة رغبتي في تحرير نفسي، كان يقابلها  موضوع "تحرير" السمعي البصري 
بالمغرب، عنوانا بارزا ضمن رسالة تخرج شقيقي..
*باحث في الاتصال والسينما، إعلامي مقيم بإيطاليا  

      

0 commenti :

Posta un commento

 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | JCPenney Coupons